كيف يتفق وجود المصائب مع قدرة الله وصلاحه؟
مقدّمة
أنّه موضوع بالغ الأهميّة والحساسيّة يقضّ مضاجع البشر منذ القِدَم ويضع الإيمان على المحكّ لدى الكثيرين. فعديدون هم الذين، بسببه، ابتعدوا، ولا يزالون يبتعدون، عن الإيمان. هؤلاء يقولون إنّ وجود الشرّ في العالم (والمصائب وجه من وجوهها) يشير إلى أحدٍ من أمرين: أمّا أنّ الله يريده، فلا يكون بالتالي صالحاً أو أنّه لا يريده ولكنّه لا يستطيع أن يحول دون وجوده، وبذلك يكون غير قادر. ويستنتجون أنّه، في كلا الحالتين، أي في حالة إله غير صالح أو إله غير قادر، لا يمكن أن يكون هذا الإله هو الله كما يُعرَّف عنه(١). لذا فهم يخلصون إلى عدم وجود الله أو، على الأقلّ، يتصرّفون عمليًا وكأنّه غير موجود.
بالمقابل نرى المتمسّكين بالإيمان يجتهدون أن ينقذوا صورة الله التي صدّعها وجود الشرّ بوسائل أقلّ ما يقال عنها أنّها غير مقنعة لغير المؤمنين، لا بل مشكوك بقدرتها على إقناعهم هم أنفسهم في العمق. فلكي ينقذوا اقتدار الله، يذهبون إلى القول بأنّ الشرّ لا يأتي إلاّ بإرادته، وبعضهم يقولون تلطيفًا إنّه يأتي «بسماحه»، غير آبهين لكون سماحًا كهذا يعني تحالفًا ما أو تواطئاً(٢). ولكي ينقذوا صلاحه، يقولون أنّ الله إذا أراد الشرّ، فإنّه يريده تنفيذاً لعدالته التي تقضي بمعاقبة الأشرار. أمّا إذا «سمح» بأن يحلّ شرٌّ ما على من لم يستوجب العقاب، فيقولون ٳنّ ذلك يحصل من أجل خير غامض يعرفه الله وحده ويتوحّاه لذلك الٳنسان من وراء الشرّ الذي أصابه. أجوبة مفجعة من هذا النوع، لا تقيم وزنًا لكرامة الله ولا لكرامة الٳنسان....
[ للمزيد ]