"التربويّ" أو "المُربّي" صفة ملازمة لكوستي بندلي مُلازمة النعت لمنعوته، فكأنّ بينهما تماهيًا. فالرجل مُربٍّ بالفطرة، والتربية عنده حِسّ وذوق قبل أن تكون علمًا وتِقانة أكاديميّة. ذلك بأنّها موهبة خصّه اللَّه بها أو، قُلْ، هي عنده فيض ناسوت مفطور على الحبّ، مرهف، وحسّاس للإنسان، كلّ إنسان، في أحواله جميعًا. ولما جعل التربية رسالته المهنيّة
القيت هذه الكلمة في لقاء اقامه فرع الميناء لحركة الشبيبة الارثوذكسية في ١ اذار ٢٠١٤
نقرأ في سفر الخروج: «تكونون لي كهنوتًا ملوكيًّا وشعبًا مقدّسًا» (19: 6). من يعرف كيف عاش هذا الرجل عضويّته في الكنيسة، يفهم هذا القول الكتابيّ. لا تفهم هذه الآية إلاّ بإطار الوحدة العضويّة التي تجمع الله بأبنائه وأعضاء الجسد بالرأس، ورأسنا هو المسيح الملك والكاهن. «فمن الضروريّ- يقول أحد المفسّرين القدماء- أن تكون لهم هم المولودون من الملك، الملوكيّة، وهو المولودون من الكاهن الكهنوت». كوستي بندلي كاهن وملك. لمن لا يفقه شيئًا عن الكهنوت الملوكيّ أقول: إقرأ سيرة كوستي بندلي في رعيّته فتغدو لا عارفًا لهذا الكهنوت وحسب بل معلّمًا فيه.
الكنيسة المحلّيّة، رعيّة الميناء هذه، كانت
يتحرك كوستي بندلي من الداخل الى الداخل، من غنى الى غنى. ما قلت ان في هذا انطواء لأن من انطوى لا يرى الآخرين، لا يحب. كان كوستي ما كانه الا لكونه يواجه الله اي ان وجهه هو الى وجه الله. هذا يجعل كيانه أقوى من كلمته واذا لم تلتمس كيانه لا تفهم منه شيئًا. ما سطّره يأتي من كونه يتأدب بأدب الرب وأعرف ان الشباب الذي تتلمذ عليه في مطارح العلم او في مطارح الإيمان رأى هذا وشهد له. يعني هذا انه لم يتكلم الا لأنه
القيت هذه الكلمة في لقاء اقامه فرع الميناء لحركة الشبيبة الارثوذكسية في ١ اذار ٢٠١٤
ماذا تقول حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة في كوستي بندلي اليوم؟
وقبل أن أستمع إليها أتوجّه إلى راحلنا العزيز وأقول له: «عذرًا لأنّني ها أنا فاعل، في كلامي فيك، ما لم ترده في حياتك كلّها، ولم تسمح به سحابة عمرك. فعذرًا وألف عذر».
أنا لا أمدحك ولكن أقف لأتعلّم منك. جئناك اليوم، كعادتنا، لنستمع إلى حديثك الباني، كما كنّا نقصدك حاملين إليك الهواجس والمسائل لنغرف من معين علمك الغزير وفيض إخلاصك الكبير.
لمّا تتحدّث الحركة عن العزيز الراقد تتحدّث عن ذاتها وتبوح ببعض من جوهرها، بقدر ما تسعف اللغة، الحركة حالة وحياة نعرفها بالذوق، بالقلب والوجدان والخبرة.
فعسى، أيّها الراحل المقيم والغائب الحاضر، أن أنجح
كيفَ لي وأنا الطبيبَ الذي يتعاطى ، في صِلبِ مهنتِه، شؤونَ الجسدِ وشجونَه ، وأنا الجراحَ أيضاً الذي تقتصرُ مداخلاتُه على مادةِ الجسدِ وعاهاتِه ، كيفَ لي أنْ أقاربَ موضوعاً كهذا ينظرُ إلى الإنسانِ ككائنٍ أعظمَ من جسدِه ، ويبحثُ عن اللهِ في فكر أديبٍ وفيلسوفٍ وعالم نفسٍ عظيمٍ ، دونَ أن ألهثَ مقصِّراً في إدائي، فلا أُعطي صاحبَ الحقِّ حقَّهُ ولا أتعسّرَ في سَبرِ أعماقِ نبوغِه. أخافُ بالفعل أن أقصّرَ وأتعثَّرَ. غيرَ أني سأبذلُ جهدي وأتخطّى قيودي البشريَّةَ لألامِسَ، قدرَ استطاعتي، أعماقَ هذا الفكرِ البندليِّ .
القيت هذه الكلمة في لقاء اقامه فرع الميناء لحركة الشبيبة الارثوذكسية في ١ اذار ٢٠١٤
في إحدى حصص علم النفس، أخرج ورقة بيضاء، ولطّخ نصفها بالحبر عشوائيًّا، ثمّ طواها فانطبع على نصفها الثاني الشكل الذي اتّخذه مسيل الحبر. ثمّ راح يعرضها بحالتها الجديدة على الطلاب، ويسألهم عمّا توحي به إليهم، حتّى إذا وصل إليّ، سألني بصوته الودود:
Qu’est-ce que vous inspire cette figure?
:فأجبته
Deux formes symétriques
:فامتعض... وقلّما كان يمتعض... وعلّق، بتهذيب شديد