كوستي بندلي كأيقونة صامتة
لمّا طُلب إليّ أن أكتب عن كوستي بندلي، تردّدت كثيرًا، ليس لأنّي لا أعرف الرجل، بل ربّما لأنّي أعرفه كثيرًا، وما أريد أن أقوله عنه يجرح تواضعه لأنّ المديح يجرح المتواضعين.
لخمس وعشرين سنة مضت، وقف كوستي بندلي أمامي في القدّاس الإلهيّ في كنيسة النبي الياس – الميناء كأيقونة صامتة، ولكن معبّرة جدّاً. كنت تقرأ في وجهه كيف يصلّي الإنسان، كيف يرتّل صامتًا والفرح بادٍ على محيّاه، تفجّره دمعة تسيل بهدوء من عينه وهو شاخص إلى وجه السيّد في الأيقونة.
وحيث إنّ أولاد الرعيّة والصغار منهم يجلسون أيضًا أمام الباب الملوكيّ، كان كوستي بينهم كراعٍ، قلْ كطفل منهم، لا ينزعج من حركاتهم ولا يتضايق، بل كان ذلك يزيده فرحًا لأنّهم استمراريّة الكنيسة الحيّة.
وأعود إلى الوراء أيضًا يوم كنت عضوًا في فرقة القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم، وكان مرشدنا. كم من المواضيع أثرنا معه في "علّيّته" حيث كان يجمعنا بعيدًا عن عجقة بيت الحركة. ساعد أفراد هذه الفرقة في توطيد العلاقة مع الله، من هنا كلهم تقريبًا أعضاء فاعلون في كنيستهم، اثنان منهم دخلا سلك الكهنوت، الأب مخائيل وأنا.
أذكر تلك السنة لمّا عرّفنا إلى كتاب الكنيسة الأرثوذكسيّة لمؤلّفه سيادة الأسقف كاليستوس (وير)، ولم يكن الكتاب قد صدر باللغة العربيّة. إذ كان يترجمه لنا مباشرة، ولكن كان يبدو لنا أنّه المؤلّف وليس المترجم. ذلك عائد إلى تعلّق قلبه بكنيسته الأرثوذكسيّة. فكنت تراه يعيش الأحداث التاريخيّة وهو يعرضها، يشرق وجهه في النهضات ويتألّم في الكبوات.
هناك المزيد ولن أزيد، أتمنى له المزيد من العطاء!
الأرشمندريت يوحنا بطش