تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع م.م. - 2013
في 24 آب 1991، دُعيت إلى إلقاء حديث في لقاء للشباب الجامعيّين نظّمته حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، كعادتها آنذاك، في دير القدّيس جاورجيوس الحميراء. في حديثي أجبت عن أسئلة كان الشباب قد طرحوها عليّ ووردتني مسبقًا.
ولفت نظري أنّ الأسئلة الواردة ركّزت، هذه المرّة، على نظرة شاملة إلى فحوى كتبي، كما أنّها اتّسمت بموقف نقديّ صريح من منهجيّتي وطروحاتي. حاولت أن أتجاوب بكلّيّتي مع هذا النقد، وأن أنفتح في أعماقي إلى تحدّيه وأن أعيد، في ضوئه، قراءة فكري ونهجي، وأن أقدّم عنه تاليًا إجابة تُشعر طارحي الأسئلة أنّ انتقادهم أُخذ على محمل الجدّ كلّ الجدّ، وتسمح لهم ولسواهم من الشباب بأن يعيدوا، في ضوئها، قراءة ما كتبته، بعيدًا عن كلّ التباس، وأن يتّخذوا منه، تاليًا، موقفًا أكثر دقّة ووعيًا ومسؤوليّة.
بهذه الروح جاءَت أجوبتي المطوّلة عن الأسئلة التي طُرحَت عليّ. وبما أنّ هذه الأجوبة – التي سبق تحريرها بقليل أوّل مداهمة خطيرة للمرض لي بعد نحو عام - أتت، على عادتي، مسجّلةً خطّيًّا بتفصيل، فقد خطر على بالي أن أقدّمها منشورة، لجمهور أوسع، فتُضاف إلى كتبي السابقة «كرحلة» استكشافيّة في مضامينها. ولكنّ ظروف الحياة أنستني، لسنين طوال، مشروعي هذا، إلى أن طرق مؤخّرًا، كما بإلهام، باب ذاكرتي، فعدت إلى نصّ الأسئلة التي طُرحت عليّ من نحو واحد وعشرين عامًا وطالعتها باهتمام، وإلى نصّ إجاباتي عنها فقرأتها بشغف، وتأكّدت لديّ الفائدة من نشر هذه وتلك لعلّها تكون، وقد اقتربتُ من نهاية شوطي، خاتمة لكتاباتي ومرآة لها وتوضيحًا لما قد تكون حوته من طيّب القصد. وتكون تاليًا حافزًا لمن لم يتعرّف إليها بعد، إلى ولوجها، ولمن عاشرها إلى تجديد الألفة معها وتعميقها، فيفرح القارئ وتقرّ عين الكاتب ويتمجّد الربّ الذي ألهم حنانه المسيرة كلّها.